النشرات الإخبارية ومشاهد العنف المتواصلة
النشرات الإخبارية ومشاهد العنف المتواصلة |
لا يجوز السماح للطفل بمشاهدة نشرات الأخبار
«خبر عاجل، مرفق بمشاهد حيّة مباشرة لقتلى وجرحى وأمهات ثكالى وأطفال مصابين ومشوهين أو قتلى» مشاهد تقتحم البيوت في أي لحظة خلال النهار، من دون أن تأخذ في الإعتبار رد فعل المشاهد وسنه، فالسبق الصحافي ونقل الخبر أهم.
وفي المقابل يبدو رد فعل المشاهد عاديًا غير مكترث، فخبر «100 قتيل» يمر مرور الكرام.
ما تأثير هذه المشاهد على الأطفال والناشئة؟ خصوصًا أن النشرات الإخبارية لم تعد محصورة في ساعة محددة من المساء حين يكون الأطفال نائمين ينعمون بأحلامهم الوردية، بل أصبحت على مدار الساعة.
«لها» إلتقت الدكتورة نجاة إبراهيم الإختصاصية في علم النفس التي أجابت عن هذه الأسئلة وغيرها.
بداية تقول نجاة إبراهيم: «قديمًا كانت أخبار العنف تستغرق وقتًا حتى يعلم بها مواطنون في بلد آخر، بل كانوا يعلمون بها بعد انتهائها بفترة طويلة.
علمًا أن العنف والمجازر التي ارتكبت بحق الإنسانية عبر التاريخ فظيعة جدًا، ولكن لم يكن سهلا نقل أحداثها، على عكس اليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين.
لذا لا يمكن أن نلقي اللوم فقط على وسائل الإعلام. فظاهرة العنف متفشية في العالم وتنقل أحداثها مباشرة عبر الإنترنت والقنوات التلفزيونية بسرعة.
- وهل يحق لوسائل الإعلام نقلها؟
الوسيلة الإعلامية قوامها الإعلان الذي يسعى إلى المحطات التفزيونية التي لديها أكبر نسبة مشاهدة، والقنوات التي توفر سبقًا إعلاميًا خصوصًا إذا كان متعلقًا بحوادث أمنية أو جرائم هي الأكثر مشاهدة.
وعمومًا الإنسان لديه نزعات عدوانية، ولكن الحضارة والقوانين هي التي وضعتها ودجّنتها من خلال القوانين.
مما يعني أن وسائل الإتصال والإعلام لا تبتكر شيئًا لم يكن موجودًا، وإنما صارت أحداث العنف تصل بصورة أسرع بكثير مما كانت عليه في الماضي.
- ما تأثير هذا النقل المباشر على الأطفال؟
قد يظن الراشد أن الطفل لا يفهم ما يدور حوله ولكن الحقيقة عكس ذلك. فالطفل قد لا يستوعب ما يحصل في العالم من حروب وقتل جماعي بسبب سيارة مفخخة أو قنبلة موقوتة أو إعتداء على مجموعات لأنه لا يفهم الأسباب، ولكن من المؤكد أن تكرار صور الموت أمام ناظريه والحوار الذي يدور بين الراشدين وفي حضوره، يؤثران في لا وعيه فيسكنه الخوف من أن يُقتل أبوه أو أمه أو أخوه... أو من يحب.
- كيف يعبّر الطفل عن هذا الخوف؟
لا يستطيع بعض الأطفال التعبير عن خوفهم فيكبتونه ليظهر في أعراض ظاهرها عضوي، ولكن باطنها نفسي، من هذه الأعراض آلام في المعدة وتقيؤ مستمر وعدم رغبة في الأكل.
فالطفل راهناً يشعر بأن العالم أصبح غير آمن وأن القنبلة الموقوتة سوف تخطف والديه أو الحرب سوف تدمّر منزله وتقتله أو تقتل والديه. وإذا أراد الأهل إقناعه بأن هذا ليس صحيحاً يكون جوابه «أنا أسمع وأرى ذلك على شاشة التلفزيون».
والخوف لا يقتصر على الأطفال الصغار في السن أي في عمر الأربع أو الخمس سنوات بل ينتاب أيضاً أولئك الذين في سن العاشرة والحادية عشرة والذين من المفترض أن في إمكانهم استيعاب فكرة الموت والتفكير بطريقة منطقية، لكن ما يحدث هو عكس ذلك.
- ما تأثيرعبارات التشفّي أو الشماتة التي يقولها الأهل ندما حين يرون مشهد معاقبة المجرم بشكل عنيف في حضور أبنائهم؟
من المفروض ألا يسمح الوالدان لأبنائهما، خصوصًا الصغار، بمشاهدة النشرة الإخبارية خصوصًا أنها تتضمن الكثير من المشاهد العنيفة، فضلاً عن أنه لا يجوز أن يكون رد فعلهما، وإن كانا وحدهما، عدوانيًا.
فعندما يطلق الأهل عبارات تشفٍّ بمجرم نال عقابه بطريقة ثأرية فإنهم يعززون عند الطفل أو المراهق ثقافة العنف وأن الثأر أمر مباح وشرعي بدلاً من اللجوء إلى القانون.
لذا من الضروري أن ينتبه الأهل إلى الحوار الذي يجري بينهم حول الأحداث التي يرونها على الشاشة في حضور الأبناء وأن يحاولوا عدم مناقشة أمور السياسة وأحداثها المفجعة في حضور أطفالهم.
فالطفل ليس في مقدوره أن يحلل الأمور ويقوّمها لأنه في النهاية طفل يصدّق ما يرى ويسمع.
- لماذا لم تعد مشاهد العنف الواقعي تؤثر في المشاهد؟
في السابق كنا نتأثر جدًا بما نراه من عنف، ولكن مع التكرار أصبح المشاهد يرى في صور القتل أمرًا بسيطًا وسهلاً وطبيعيًا، فالمشاعر تبلدت بسبب تكرار الصور والمشاهد العنيفة، وهذا التبلد وسيلة دفاعية عن الذات، فإذا في كل مرة أرى مشهدًا عنيفًا أتألم، قد أدمر نفسي من دون أن أجد حلاً. لذا لكي يدافع الإنسان عن ذاته يتبلّد إحساسه.
ولكن الخطر يكون عندما يبدأ المشاهد التماهي مع المعتدي، أي حين يتبنى السلوك العنيف في حياته اليومية.
- ما النصائح التي تسدينها إلى الأهل؟
أن يحاولوا قدر المستطاع تجنيب أبنائهم مشاهدة النشرات الإخبارية، بالأ يكون التلفزيون محور الحياة العائلية لا سيما القنوات الإخبارية، وأن يتجنّبوا الأحاديث في السياسة والحروب في حضور أطفالهم لأنهم كما ذكرت قد يعزّزون وعن غير قصد إما الخوف وإما العنف.
شروط الجلوس إلى التلفزيون
«خبر عاجل، مرفق بمشاهد حيّة مباشرة لقتلى وجرحى وأمهات ثكالى وأطفال مصابين ومشوهين أو قتلى» مشاهد تقتحم البيوت في أي لحظة خلال النهار، من دون أن تأخذ في الإعتبار رد فعل المشاهد وسنه، فالسبق الصحافي ونقل الخبر أهم.
وفي المقابل يبدو رد فعل المشاهد عاديًا غير مكترث، فخبر «100 قتيل» يمر مرور الكرام.
ما تأثير هذه المشاهد على الأطفال والناشئة؟ خصوصًا أن النشرات الإخبارية لم تعد محصورة في ساعة محددة من المساء حين يكون الأطفال نائمين ينعمون بأحلامهم الوردية، بل أصبحت على مدار الساعة.
«لها» إلتقت الدكتورة نجاة إبراهيم الإختصاصية في علم النفس التي أجابت عن هذه الأسئلة وغيرها.
بداية تقول نجاة إبراهيم: «قديمًا كانت أخبار العنف تستغرق وقتًا حتى يعلم بها مواطنون في بلد آخر، بل كانوا يعلمون بها بعد انتهائها بفترة طويلة.
علمًا أن العنف والمجازر التي ارتكبت بحق الإنسانية عبر التاريخ فظيعة جدًا، ولكن لم يكن سهلا نقل أحداثها، على عكس اليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين.
لذا لا يمكن أن نلقي اللوم فقط على وسائل الإعلام. فظاهرة العنف متفشية في العالم وتنقل أحداثها مباشرة عبر الإنترنت والقنوات التلفزيونية بسرعة.
- وهل يحق لوسائل الإعلام نقلها؟
الوسيلة الإعلامية قوامها الإعلان الذي يسعى إلى المحطات التفزيونية التي لديها أكبر نسبة مشاهدة، والقنوات التي توفر سبقًا إعلاميًا خصوصًا إذا كان متعلقًا بحوادث أمنية أو جرائم هي الأكثر مشاهدة.
وعمومًا الإنسان لديه نزعات عدوانية، ولكن الحضارة والقوانين هي التي وضعتها ودجّنتها من خلال القوانين.
مما يعني أن وسائل الإتصال والإعلام لا تبتكر شيئًا لم يكن موجودًا، وإنما صارت أحداث العنف تصل بصورة أسرع بكثير مما كانت عليه في الماضي.
- ما تأثير هذا النقل المباشر على الأطفال؟
قد يظن الراشد أن الطفل لا يفهم ما يدور حوله ولكن الحقيقة عكس ذلك. فالطفل قد لا يستوعب ما يحصل في العالم من حروب وقتل جماعي بسبب سيارة مفخخة أو قنبلة موقوتة أو إعتداء على مجموعات لأنه لا يفهم الأسباب، ولكن من المؤكد أن تكرار صور الموت أمام ناظريه والحوار الذي يدور بين الراشدين وفي حضوره، يؤثران في لا وعيه فيسكنه الخوف من أن يُقتل أبوه أو أمه أو أخوه... أو من يحب.
- كيف يعبّر الطفل عن هذا الخوف؟
لا يستطيع بعض الأطفال التعبير عن خوفهم فيكبتونه ليظهر في أعراض ظاهرها عضوي، ولكن باطنها نفسي، من هذه الأعراض آلام في المعدة وتقيؤ مستمر وعدم رغبة في الأكل.
فالطفل راهناً يشعر بأن العالم أصبح غير آمن وأن القنبلة الموقوتة سوف تخطف والديه أو الحرب سوف تدمّر منزله وتقتله أو تقتل والديه. وإذا أراد الأهل إقناعه بأن هذا ليس صحيحاً يكون جوابه «أنا أسمع وأرى ذلك على شاشة التلفزيون».
والخوف لا يقتصر على الأطفال الصغار في السن أي في عمر الأربع أو الخمس سنوات بل ينتاب أيضاً أولئك الذين في سن العاشرة والحادية عشرة والذين من المفترض أن في إمكانهم استيعاب فكرة الموت والتفكير بطريقة منطقية، لكن ما يحدث هو عكس ذلك.
- ما تأثيرعبارات التشفّي أو الشماتة التي يقولها الأهل ندما حين يرون مشهد معاقبة المجرم بشكل عنيف في حضور أبنائهم؟
من المفروض ألا يسمح الوالدان لأبنائهما، خصوصًا الصغار، بمشاهدة النشرة الإخبارية خصوصًا أنها تتضمن الكثير من المشاهد العنيفة، فضلاً عن أنه لا يجوز أن يكون رد فعلهما، وإن كانا وحدهما، عدوانيًا.
فعندما يطلق الأهل عبارات تشفٍّ بمجرم نال عقابه بطريقة ثأرية فإنهم يعززون عند الطفل أو المراهق ثقافة العنف وأن الثأر أمر مباح وشرعي بدلاً من اللجوء إلى القانون.
لذا من الضروري أن ينتبه الأهل إلى الحوار الذي يجري بينهم حول الأحداث التي يرونها على الشاشة في حضور الأبناء وأن يحاولوا عدم مناقشة أمور السياسة وأحداثها المفجعة في حضور أطفالهم.
فالطفل ليس في مقدوره أن يحلل الأمور ويقوّمها لأنه في النهاية طفل يصدّق ما يرى ويسمع.
- لماذا لم تعد مشاهد العنف الواقعي تؤثر في المشاهد؟
في السابق كنا نتأثر جدًا بما نراه من عنف، ولكن مع التكرار أصبح المشاهد يرى في صور القتل أمرًا بسيطًا وسهلاً وطبيعيًا، فالمشاعر تبلدت بسبب تكرار الصور والمشاهد العنيفة، وهذا التبلد وسيلة دفاعية عن الذات، فإذا في كل مرة أرى مشهدًا عنيفًا أتألم، قد أدمر نفسي من دون أن أجد حلاً. لذا لكي يدافع الإنسان عن ذاته يتبلّد إحساسه.
ولكن الخطر يكون عندما يبدأ المشاهد التماهي مع المعتدي، أي حين يتبنى السلوك العنيف في حياته اليومية.
- ما النصائح التي تسدينها إلى الأهل؟
أن يحاولوا قدر المستطاع تجنيب أبنائهم مشاهدة النشرات الإخبارية، بالأ يكون التلفزيون محور الحياة العائلية لا سيما القنوات الإخبارية، وأن يتجنّبوا الأحاديث في السياسة والحروب في حضور أطفالهم لأنهم كما ذكرت قد يعزّزون وعن غير قصد إما الخوف وإما العنف.
شروط الجلوس إلى التلفزيون
- ألا تتعدّى مدة مشاهدة التلفزيون ثلاثين دقيقة لطفل دون الأربع سنوات، أما بعد الست سنوات فلا يجوز أن تتعدّى الساعة.
- توفير شروط إضاءة صحيّة والمسافة بين التلفزيون والطفل يجب ألا تقلّ عن مترين ونصف المتر.
- عدم السماح للطفل بتغيير المحطات والبرامج بحسب رغبته.
- تحديد وقت التلفزيون مع الطفل، والأفضل تحديد وقت معين بدل المشاهدة المتقطّعة.
- أن يكون الأهل نموذجًا صحيحًا، وألا ينشغلوا بالجلوس أمام التلفزيون وكأنه أمر مهم.
- تجنّب مقاطعة الطفل أثناء مشاهدة برنامجه المفضّل فجأة، بل يجب تنبيهه إلى أنه بمجرد انتهاء البرنامج يطفَأ التلفزيون، لأنه حان وقت الاستحمام مثلاً.
- الجلوس مع الطفل أثناء مشاهدة التلفزيون من أجل تفسير ما يحدث على الشاشة له وفي الوقت نفسه معرفة ما يقلقه والإجابة عن أسئلته.
- على الأهل أن يدركوا أن التلفزيون ليس وسيلة لإلهاء الطفل أثناء انشغالهم عنه، بل يمكن تشجعيه على القيام بأمور أخرى كالرسم مثلاً.
- عدم السماح بمشاهدة التلفزيون عادة أثناء تناول وجبة الطعام. فتناول الطعام أمام التلفزيون عادة تحرم الطفل والأهل متعة الحوار في ما بينهم.
- الشرح للطفل أن التلفزيون لا يعرض ولا يقول كل شيء، فهو مجرّد آلة لا أكثر، وتعزيز روح النقد عنده من خلال مناقشته في ما شاهده.
مجلة لها
المزيد من المقالات عن الاطفال:
أرسلي النشرات الإخبارية ومشاهد العنف المتواصلة
لمشاركة العائلة والأصدقاء بهذا المقال عن الاطفال؟ أنقري الزر ادناه لترسليها بالبريد الالكتروني أو لتخزنيها على شبكتك الاجتماعية المفضلة.
ليست هناك تعليقات
أتستمتعين بالطبخ ومساعدة الآخرين بتقديم أفكار الطبخ؟ من فضلك أضيفي افكارك و تعليقاتك